السندات الأمريكية وموقف الصين منها: تحليل شامل

السندات الأمريكية وموقف الصين منها: تحليل شامل

**بقلم: صائد الأسهم الأمريكية**
**تاريخ النشر: 9 أبريل 2025**

مقدمة: السندات الأمريكية كأداة اقتصادية عالمية

تُعد السندات الأمريكية، وخاصة سندات الخزانة (U.S. Treasury Bonds)، من أهم الأدوات المالية في العالم، حيث تُعتبر ملاذًا آمنًا للمستثمرين وأساسًا للاقتصاد العالمي بفضل استقرار الدولار الأمريكي. في ظل التوترات التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين في أبريل 2025، أصبح موقف الصين من هذه السندات محط أنظار المستثمرين والمحللين. في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل السندات الأمريكية، دورها في الاقتصاد، وكيف تتعامل الصين مع حيازاتها الضخمة منها، مع إضافة رؤى استثمارية من **صائد الأسهم الأمريكية**.

 ما هي السندات الأمريكية؟

السندات الأمريكية هي أدوات دين تُصدرها وزارة الخزانة الأمريكية لتمويل الإنفاق الحكومي والدين العام. تُقسم إلى ثلاث فئات رئيسية:
1. **سندات الخزانة (Treasury Bonds):** طويلة الأجل (10-30 سنة)، تُدفع فائدة نصف سنوية.
2. **أذون الخزانة (Treasury Bills):** قصيرة الأجل (أقل من سنة)، تُباع بخصم وتُسدد عند الاستحقاق.
3. **سندات الخزانة المتوسطة (Treasury Notes):** متوسطة الأجل (2-10 سنوات).

تُعتبر هذه السندات الأكثر أمانًا عالميًا لأنها مدعومة بضمان الحكومة الأمريكية، مما يجعلها استثمارًا مفضلاً للحكومات والبنوك المركزية، بما في ذلك الصين.

 أهميتها الاقتصادية
– **الملاذ الآمن:** في أوقات الأزمات، يتدفق المستثمرون إلى السندات الأمريكية، مما يخفض العائد ويعزز قيمة الدولار.
– **مؤشر الفائدة:** العائد على السندات (Yield) يؤثر على تكلفة الاقتراض عالميًا، بما في ذلك أسعار الفائدة على القروض والرهون العقارية.
– **احتياطيات العملات:** تمثل السندات جزءًا كبيرًا من احتياطيات النقد الأجنبي للدول.

 الصين وحيازاتها من السندات الأمريكية

الصين هي ثاني أكبر حائز أجنبي لسندات الخزانة الأمريكية بعد اليابان، حيث تمتلك حوالي **759 مليار دولار** حتى ديسمبر 2024 (وفقًا لآخر بيانات وزارة الخزانة الأمريكية). هذه الحيازات تراجعت تدريجيًا من ذروتها عند 1.3 تريليون دولار في 2011، لكنها تظل كبيرة بما يكفي للتأثير على الأسواق.

### لماذا تمتلك الصين هذه السندات؟
1. **فائض التجارة:** الصين تحقق فائضًا تجاريًا ضخمًا مع الولايات المتحدة (823 مليار دولار في 2023)، مما يولد كميات كبيرة من الدولارات التي يتم استثمارها في السندات.
2. **إدارة سعر الصرف:** البنك المركزي الصيني (PBOC) يشتري السندات للحفاظ على استقرار اليوان مقابل الدولار، مما يدعم القدرة التنافسية للصادرات الصينية.
3. **استثمار آمن:** السندات توفر عائدًا مستقرًا مقارنة بالبدائل مثل الذهب أو السندات الأخرى ذات المخاطر العالية.

 موقف الصين الحالي في 2025
مع تصاعد التوترات التجارية في ظل إدارة ترامب، التي فرضت رسومًا جمركية بنسبة 104% على الصين في أبريل 2025، بدأت تظهر تساؤلات حول استراتيجية الصين تجاه حيازاتها من السندات:
– **تقليص الحيازات:** الصين قلصت حيازاتها تدريجيًا منذ 2022، حيث انخفضت من 1 تريليون دولار إلى 759 مليار دولار بنهاية 2024، مع استمرار هذا الاتجاه في 2025.
– **التنويع:** تشير تقارير إلى أن الصين زادت استثماراتها في الذهب (4.3% من احتياطياتها في 2024 مقابل 2% في 2015) وسندات الوكالات الأمريكية (Agency Bonds) كجزء من استراتيجية تنويع المخاطر.
– **رد على الرسوم:** هناك تكهنات بأن الصين قد تبيع جزءًا من السندات كرد فعل على الرسوم الجمركية، لكن هذا الخيار محفوف بالمخاطر لأنه قد يضر بالصين أكثر مما يضر بالولايات المتحدة.

—

 تأثير بيع السندات الأمريكية من قبل الصين

على الولايات المتحدة
– **ارتفاع العائد:** بيع كميات كبيرة من السندات يزيد العرض في السوق، مما يخفض الأسعار ويرفع العائد (Yield)، وهو ما يزيد تكلفة الاقتراض للحكومة الأمريكية.
– **ضغط على الأسهم:** ارتفاع العائد يجعل السندات أكثر جاذبية مقارنة بالأسهم، مما قد يؤدي إلى تراجع الأسواق (كما حدث في 7-9 أبريل 2025 قبل الانتعاش).
– **استجابة الفيدرالي:** الاحتياطي الفيدرالي قد يتدخل لشراء السندات لتثبيت الأسعار، مما يحد من التأثير.

 على الصين
– **ارتفاع اليوان:** بيع السندات يقلل الطلب على الدولار، مما يرفع قيمة اليوان ويجعل الصادرات الصينية أغلى، وهو ما يضر باقتصادها المعتمد على التصدير.
– **خسائر مالية:** البيع السريع يعني بيع السندات بأسعار أقل، مما يتسبب في خسائر مباشرة لاحتياطيات الصين.

 تحليل موقف الصين: هل السندات سلاح فعال؟
على الرغم من امتلاك الصين حوالي 759 مليار دولار من السندات (أقل من 3% من إجمالي السندات الأمريكية المستحقة البالغة 26 تريليون دولار)، فإن استخدامها كسلاح اقتصادي ضد الولايات المتحدة محدود:
– **تأثير ضعيف:** حيازات الصين ليست كبيرة بما يكفي لتعطيل السوق الأمريكية، خاصة مع وجود طلب عالمي قوي على السندات.
– **المخاطر الذاتية:** أي بيع كبير سيضر بالاقتصاد الصيني أكثر مما سيؤثر على الولايات المتحدة.
– **البدائل المحدودة:** لا يوجد سوق آخر يمكنه استيعاب هذا الحجم من الدولارات بسهولة، مما يجعل السندات الأمريكية الخيار الأمثل لاحتياطيات الصين.

**رؤية صائد الأسهم الأمريكية:** الصين لن تلجأ إلى بيع السندات بشكل هستيري، بل ستستمر في تقليصها تدريجيًا كجزء من استراتيجية طويلة الأمد لتقليل الاعتماد على الدولار، مع التركيز على تعزيز اليوان عالميًا.

 فرص استثمارية في ظل الوضع الحالي

1. **أسهم التكنولوجيا:** مع انتعاش السوق في 9 أبريل 2025 (ناسداك +12%)، تظل شركات مثل تسلا وأبل خيارات جذابة للاستثمار قصير الأجل.
2. **السندات الأمريكية:** ارتفاع العائد قد يجعل السندات متوسطة الأجل فرصة للمستثمرين الباحثين عن دخل ثابت.
3. **الذهب:** كملاذ آمن، يبقى الذهب خيارًا ذكيًا إذا تصاعدت التوترات.

**دورات وتوصيات صائد الأسهم الأمريكية:** انضم إلى دورتنا “أسرار السوق الأمريكي” لفهم تأثير السياسات الجمركية على الاستثمارات، أو اشترك في خدمة التوصيات اليومية للحصول على نصائح مباشرة!

الخلاصة: الصين بين الاحتفاظ والبيع

السندات الأمريكية تظل ركيزة أساسية في الاقتصاد العالمي، وموقف الصين منها يعكس توازنًا دقيقًا بين المصالح الاقتصادية والسياسية. في ظل الرسوم الجمركية الأمريكية المتصاعدة في 2025، قد تواصل الصين تقليص حيازاتها تدريجيًا، لكن استخدامها كسلاح شامل غير مرجح. بالنسبة للمستثمرين، هذا الوضع يفتح آفاقًا للاستفادة من التقلبات، مع الحاجة إلى متابعة دقيقة للسياسات الاقتصادية.

**كاتب المقال:** صائد الأسهم الأمريكية
السندات الأمريكية، موقف الصين، الرسوم الجمركية، استثمار الأسهم، الاقتصاد العالمي