مقارنة تفصيلية بين الاقتصاد الصيني والاقتصاد الأمريكي في 2025
*بقلم: صائد الأسهم الأمريكية*
*تاريخ النشر: 8 أبريل 2025*
مع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، خاصة بعد إعلان البيت الأبيض عن رسوم جمركية جديدة بنسبة 104% على الواردات الصينية في 8 أبريل 2025، يصبح من الضروري فهم الفروقات الأساسية بين الاقتصادين الأمريكي والصيني. في هذه المقارنة الشاملة، نستعرض الجوانب الرئيسية مثل الناتج المحلي الإجمالي، القوة العاملة، القطاعات الاقتصادية، التجارة الخارجية، والتحديات التي تواجه كلاً منهما، مع التركيز على الوضع الحالي في 2025.
1. الناتج المحلي الإجمالي (GDP)
– **الولايات المتحدة**:
وفقاً لتقديرات عام 2025، يبلغ الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي حوالي 28 تريليون دولار، مما يجعلها لا تزال أكبر اقتصاد في العالم من حيث القيمة الاسمية. النمو الاقتصادي يتراوح بين 2-2.5% سنوياً، مدفوعاً بالابتكار التكنولوجي والاستهلاك الداخلي القوي.
– **الصين**:
يقدر الناتج المحلي الإجمالي الصيني بحوالي 20 تريليون دولار في 2025، محتلاً المرتبة الثانية عالمياً. معدل النمو يتباطأ إلى حوالي 4-5%، متأثراً بتراجع الصادرات وأزمة العقارات المستمرة منذ 2021.
– **المقارنة**:
بينما تتفوق الولايات المتحدة في القيمة الإجمالية، تظل الصين متقدمة من حيث القوة الشرائية (PPP)، حيث تجاوزت أمريكا في هذا المقياس منذ 2014، بقيمة تصل إلى 32 تريليون دولار مقابل 28 تريليون للولايات المتحدة.
2. القوة العاملة والديموغرافيا
– **الولايات المتحدة**:
يبلغ عدد السكان حوالي 345 مليون نسمة في 2025، مع قوة عاملة تقدر بـ 165 مليون شخص. معدل البطالة مستقر عند 4%، لكن الاقتصاد يعاني من شيخوخة السكان وانخفاض معدل المواليد، مما يضغط على نظام الضمان الاجتماعي.
– **الصين**:
مع عدد سكان يصل إلى 1.4 مليار نسمة، تمتلك الصين قوة عاملة ضخمة تقارب 750 مليون شخص. لكنها تواجه أزمة ديموغرافية أكثر حدة بسبب سياسة الطفل الواحد السابقة، حيث يتوقع أن ينخفض عدد السكان إلى 1.3 مليار بحلول 2035، مع ارتفاع نسبة كبار السن إلى 25%.
– **المقارنة**:
الصين تتفوق في حجم القوة العاملة، لكن الولايات المتحدة تستفيد من إنتاجية أعلى للعامل الواحد بفضل التكنولوجيا والتعليم العالي.
3. القطاعات الاقتصادية
– **الولايات المتحدة**:
الاقتصاد الأمريكي يعتمد بشكل كبير على قطاع الخدمات (80% من الناتج المحلي)، بما في ذلك التكنولوجيا (مثل جوجل وآبل)، التمويل، والرعاية الصحية. الصناعة تشكل 18% فقط، مع تركيز على التصنيع عالي التقنية مثل الطائرات والسيارات الكهربائية. الزراعة تساهم بأقل من 2% لكنها متقدمة تكنولوجياً.
– **الصين**:
تعتمد الصين على الصناعة بنسبة 40% من ناتجها المحلي، مما يجعلها “مصنع العالم” في مجالات مثل الإلكترونيات والمنسوجات. قطاع الخدمات يشكل 50% وينمو بسرعة، بينما تساهم الزراعة بنسبة 10%، مع إنتاج ضخم للغذاء لتلبية الطلب المحلي.
– **المقارنة**:
الولايات المتحدة تهيمن على الخدمات والابتكار، بينما تتفوق الصين في الإنتاج الصناعي والكميات الكبيرة.
—
4. التجارة الخارجية
– **الولايات المتحدة**:
في 2025، تبلغ الصادرات الأمريكية حوالي 2.8 تريليون دولار، مع التركيز على التكنولوجيا، المنتجات الزراعية، والطاقة (مثل النفط والغاز). الواردات تصل إلى 3.5 تريليون دولار، مما يؤدي إلى عجز تجاري مستمر (700 مليار دولار). الشركاء الرئيسيون هم كندا، المكسيك، والصين.
– **الصين**:
الصادرات الصينية تقدر بـ 3.6 تريليون دولار، مع التركيز على السلع الاستهلاكية والإلكترونيات، بينما تبلغ الواردات 2.9 تريليون دولار، مما يحقق فائضاً تجارياً (700 مليار دولار). الشركاء الرئيسيون هم الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، وجنوب شرق آسيا.
– **المقارنة**:
الصين تتفوق في حجم التجارة والفائض التجاري، بينما تعاني الولايات المتحدة من عجز مزمن، لكنها تحتفظ بميزة في المنتجات ذات القيمة المضافة العالية.
5. الدين العام
– **الولايات المتحدة**:
الدين العام الأمريكي يصل إلى 35 تريليون دولار في 2025 (125% من الناتج المحلي)، مدفوعاً بالإنفاق الحكومي والتحفيز الاقتصادي. الدولار كعملة احتياطية عالمية يخفف الضغط، لكن ارتفاع الفوائد يثير مخاوف طويلة الأمد.
– **الصين**:
الدين العام الصيني يبلغ حوالي 15 تريليون دولار (75% من الناتج المحلي)، لكن الدين الكلي (بما في ذلك الشركات والأفراد) يصل إلى 300% من الناتج المحلي، خاصة بسبب أزمة العقارات.
– **المقارنة**:
الولايات المتحدة تواجه ديناً حكومياً أعلى نسبياً، لكن الصين تعاني من مخاطر الدين الخاص والشركات.
—
6. التحديات الرئيسية
– **الولايات المتحدة**:
– التضخم المستمر (3-4% في 2025).
– الاعتماد على الواردات الصينية للسلع الاستهلاكية.
– شيخوخة السكان والضغط على الضمان الاجتماعي.
– **الصين**:
– تراجع الصادرات بسبب الرسوم الجمركية.
– أزمة العقارات التي تهدد الاستقرار المالي.
– الانخفاض الديموغرافي وارتفاع تكاليف العمالة.
– **المقارنة**:
الولايات المتحدة تواجه تحديات داخلية أكثر، بينما الصين معرضة لضغوط خارجية وهيكلية.
7. التكنولوجيا والابتكار
– **الولايات المتحدة**:
تهيمن على التكنولوجيا العالمية بفضل شركات مثل أمازون ومايكروسوفت، مع استثمارات في الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة تصل إلى 500 مليار دولار سنوياً.
– **الصين**:
تنافس بقوة عبر شركات مثل هواوي وتينسنت، مع تركيز على التصنيع الذكي والسيارات الكهربائية (50% من الإنتاج العالمي في 2025).
– **المقارنة**:
أمريكا تتفوق في الابتكار الأصلي، بينما الصين تقود التطبيق العملي والإنتاج الضخم.
الخلاصة
الاقتصاد الأمريكي يتميز بالمرونة، الابتكار، والاستهلاك الداخلي القوي، لكنه يعاني من عجز تجاري ودين مرتفع. في المقابل، يعتمد الاقتصاد الصيني على الصناعة والصادرات، مع قوة عاملة ضخمة، لكنه يواجه تحديات ديموغرافية وتجارية متزايدة. في ظل الرسوم الجمركية لعام 2025، قد تتسع الفجوة بينهما، حيث تستفيد الولايات المتحدة من قوتها الناعمة والدولار، بينما تسعى الصين لإعادة توجيه اقتصادها نحو الاستقلالية. المستقبل يعتمد على كيفية تعامل كل اقتصاد مع هذه التحديات.
*كتب هذا المقال صائد الأسهم الأمريكية، خبير في تحليل الأسواق المالية ومتابع للتطورات الاقتصادية العالمية.*